بإسم الجهاد الإسلامى ظهرت جماعة الحشاشون .. Assassin
كلمة الحشاشين: Assassin دخلت بأشكال مختلفة في الاستخدام الأوروبي بمعنى القتل خلسة أو غدراً أو بمعنى القاتل
...
المحترف المأجور.أسسها حسن الصباح وكان زميلا بالأزهر لكل من شاعر الرباعيات عمر الخيام ونظام الملك الذى صار وزيرا مرموقا فيما بعد ،
وكان الثلاثة أصدقاء ورفقاء سكن بمنطقة المجاورين بالقاهرة وذلك بالإضافة لزمالة الدراسة لنشر تعاليم العقيدة الاسماعيلية الشيعية ، و اخذ يركز دعوته فى الشمال الفارسي وبالتحديد على الهضبة المعروفة بقلعة آلموت بأقليم الديلم وتبعد حوالي 100كم عن العاصمة طهران .
وقد تميزت هذه الطائفة باحتراف القتل والاغتيال لأهداف سياسية ودينية متعصبة ، حيث اعتمد حسن الصباح وعصابته فى تمويل جماعتهم على السرقات والقتل وقطع الطرق . أستطاع حسن الصباح من دخول قلعة آلموت سرا قبل ان يسيطر علىها واخرج مالكها القديم . وبذلك اصبح سيدا لقلعة الموت ولم يغادرها طيلة 35 عام حتى وفاته ، وكانوا بهذه الفترة يمثلون امتدادا للدولة الفاطمية في القاهرة قبل حدوث الانشقاق .
وقد حاول الحشاشون اغتيال السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي أكثر من مرة ، مثلما حاولوا إغتيال الخليفة العباسي المسترشد بالله . وفى أيام هولاكو دخلت الجماعة فى طاعته وإذعانه واستسلمت قلعة ألموت في ديسمبر 1256.. وصدرت أوامر هولاكو بالتخلص نهائيا من الحشاشين ، فتم قتل أعداد كبيرة منهم ، ولم ينج إلا من اعتصم بجبال فارس . وقام بعدها قائد المماليك الظاهر بيبرس عام 1270 م بتدمير آخر معاقلهم في الشام . ومازال لهم أتباع إلى الآن في إيران ، وسوريا، والعراق , ولبنان، واليمن، ونجران، والهند، وفي أجزاء من أواسط الاتحاد السوفيتي .
كانت وسيلتهم الاغتيال المنظم ، وذلك من طريق تدريب الأطفال على السمع و الطاعة العمياء والإيمان بكل ما يلقى إليهم ، وعندما يشتد ساعدهم يدربونهم على الأسلحة المعروفة ولا سيما الخناجر، ويعلمونهم الاختفاء والسرية وأن يقتل الفدائي نفسه فى النهاية قبل أن يبوح بكلمة واحدة من أسرارهم . وبذلك أعدوا طائفة الفدائيين التي أفزعوا بها العالم الإسلامي كله آنذاك .
وكان الصباح قد أستطاع ابتكار خطة وأسلوب جديد للسيطرة على أتباعه , فقد أدرك العيوب في الطريقة التقليدية للطائفة الاسماعلية , فليس كافيا قطع وعد للناس بالجنة والسعادة الابدية , فقرر خلق تلك الجنة لهم وتقريبهم من مشاعر السعادة التي يوعدون بها. فأنشأ جنته في واد جميل يقع بين جبلين شاهقين, شيد بداخلهما حدائق مليئة بالفواكه اللذيذة والقصور المزينة بالذهب والجواهر المزيفة, وأنشأ قنوات مليئة بالعسل واللبن والخمر. كما جلب بداخلها جواري فاتنات ومحترفات في العزف والغناء والرقص, ودربن على أغاني الغزل والسعادة , وكان لايسمح لهن بالخروج من تلك القصور أبدا. وإبتكر هندسة ذكية للمكان لإخفاء تلك الجنة عن العيون فلا يمكن لأحد دخولها إلا عبر ممر سري .
و كان حسن الصباح وجماعته شديدى الولع بالنساء والغلمان وتعاطى الحشيش والأفيون ، مما انعكس على أفعالهم وطاعتهم العمياء لأوامره وإيمانهم بقدرته الكاملة على النفع والضرر لهم فكان بجتذب فتيان مابين الثانية عشر والعشرين من العمر, وخاصة من القرى وضواحي المدن حيث يختار كل من رأى فيه قابلية لان يكون مجرما وقاتلآ ، وعبر المجلس الذي يعقده كل يوم كان يتحدث عن مباهج الجنة , و يوضع مخدر في شراب الفتيان الذين يحلمون في نصف وعيهم بجنته الاصطناعية , وحين يفيقون يجدون أنفسهم بكل حواسهم في الجنة وبكل التفاصيل التي ذكرها حسن الصباح .. فيتعلقون بذلك المكان ولا يتخيلون أنفسهم بعيدين عنه, وبعد مرور بضع أيام, يتم تخديرهم ونقلهم إلى نفس المكان الذي حملوا منه أول مرة, فيتحدثون أمام الحاضرين الجدد عن ماشهدوه في الجنة, وعن رؤيتهم الصالحين الذين يبشرون بحسن الصباح في الجنة !!
فيقول حسن, (لدينا تأكيدات من نبينا أنه من يدافع عن سيده مهدي آخر الزمان فسيذهب إلى الجنة, وإذا أخلصتم لي فتلك الجنة ستكون لكم) . وقد حاول الكثير منهم الانتحار والذين نجوا منهم قالوا بأن طاعة حسن الصباح تهبهم مفتاح الجنة. فقد كانت طريقة حسن تنجح مع كل الخلفيات الثقافية و الطبقات الاجتماعية. وتضاعف عدد الاشخاص المؤمنين بحسن من الذين أحسوا تلك الجنة بحواسهم في حالة التخدير. ورغم أن جماعة الحشاشين شهدت زعماء عديدين طوال تواجدها الرسمي قبل نهايتها كتنظيم علني على يد جيوش هولاكو المغولية , إلا أنهم لم يكونوا أقل جنونا من مؤسسها، فمعظمهم إدعوا النبوة والباقين إدعوا الالوهية.
لذلك يعتبر حسن الصباح المنظر الفعلي لمفهوم الارهاب , بمفهومه التنظيمي ومصطلحاته وأيديولوجيته.. لقد كان أول من أسس مفهوم الانتحاري الموجه وأطلق عليه إسم الفدائي الباحث عن الجنة .
فكان بذلك حسن الصباح أول من أسس شكل للخلايا الارهابية والتي عادت للظهورعلى السطح في أماكن وأزمنة مختلفة وحتى حافظت على استراتجية حسن التنظيمية , من خلال تشكيله لخلايا فدائية يتزعم كل منها شخص مستقل يدعى أمير الجماعة , واهتم بشكل المكلفين بالاستقطاب حيث كان يعتمد الدقة فيهم , وفراستهم في الالمام بسيكولوجية الاخريين, وقدرتهم على تمييز الاشخاص المناسبين لضمهم إلى التنظيم..
ويظل هناك عنصر مهم وهو نبات "الحشيش والافيون" التي أخدت الجماعة إسمها إسمها منها , أي لابد من مصاحبة تلك العملية بعامل يعود الدماغ على نشوة معينة تصبح جزءا مهما لفصل الشخص عن واقعه المادى أو طبيعته المعتادة كضرورة مهمة لتحريك مشاعره وحصرها في جهة معينة.
وتعتبر تعاليم الحشاشين وطرقهم , المرجع الاساسي للجمعيات السرية التي نشأت في أوروبا والمنطقة العربية كالجماعات الجهادية والتكفيرية الحالية وجماعة فرسان الهيكل , وجمعية يسوع وجماعة الدومنيكان الشرسين, وجماعة البناءين التي تفرعت عنها الماسونية. و كان الصلبيين على إطلاع بتعاليم الحشاشين وأسرارهم الكثيرة , مما كان الاساس لتشكيل العديد من الجمعيات السرية والدينية والعلمانية في أوروبا من خلال إستعارتهم مفاهيم الحشاشين فى الجمعيات التى اسسوها في الإستقطاب للعضو وتدرجه في سلم الارتقاء والسيطرة على الاتباع المخلصين . ورغم أن جماعة الحشاشين قد أنتهت رسميآ مند مئات السنوات إلا أن كل الشواهد تثبت العكس , فقد تسبب تشتيتهم في بناء جماعات بأشكال متنوعة وزعماء جدد مع التطوير المستمر لأساليبهم وإستمرار وجود علاقات تواصل سرية بين أفرادها من بلد إلى آخر.